شريف صالح | مجلة الفيصل – السعودية

حصل على الدكتوراه من إنجلترا عن رسالته «التغير السياسي والاجتماعي في البحرين» أوائل السبعينيات من القرن الماضي. وعلى مدى نصف قرن بات علَمًا من أعلام الكويت والخليج ومن أبرز الأكاديميين العرب المختصين في علم الاجتماع السياسي. في رصيده عشرات الكتب والدراسات والمقالات باللغتين العربية والإنجليزية إضافة إلى عمله الأكاديمي في جامعة الكويت.

تولى العديد من المناصب الأكاديمية والإعلامية والثقافية أهمها رئاسة تحرير مجلة «العربي» المرموقة لسبعة عشر عامًا، وحرص على عدم توقفها إبان محنة الغزو. فمن ينسى مقالاته وتحليلاته اللامعة فيها تحت عنوان «حديث الشهر»؟!

ومن بعدها تولى الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت لأربع سنوات، ليصبح المسؤول الأول عن ملف الثقافة في الكويت وقدم فيها عددًا من الإصدارات منها مجلة الفنون ومجلة خاصة بالمكفوفين وأنهى إصدار قاموس محمد مرتضى الزبيدي تاج العروس منقحًا وكاملًا. لم تبعده التزاماته الأكاديمية عن التواصل مع شرائح واسعة من القراء العرب عبر نوافذ صحافية وإعلامية مرموقة إضافة إلى توليه رئاسة تحرير جريدة «أوان» الكويتية، التي قدمت صحافة احترافية رصينة لكنها أجضهت قبل «الأوان». كما ترأس تحرير مجلة «حوار العرب» الصادرة عن مؤسسة الفكر العربي لمدة عامين.

وربما لا ينتبه الكثيرون إلى دوره في صناعة الكتب، ونشر وترجمة مختلف المعارف والآداب، سواء من خلال تجربته كمستشار لمركز البابطين للترجمة، أو دوره الذي يقوم به منذ سنوات كمستشار لسلسلة الكتاب الشهري «عالم المعرفة» الشهيرة. ليس من السهل استقصاء أهم المحطات في مسيرة قامة فكرية بوزن الدكتور محمد الرميحي، ومن الطبيعي أن يتشعب حوار «الفيصل» معه وتتعدد مداخله بموازاة ثراء تجربته الفكرية والإنسانية.

● لنبدأ من اللحظة الراهنة.. ما الذي ترونه في الأفق السياسي الخليجي والعربي؟

■ السؤال من شقين عن الأفق الخليجي والأفق العربي وما بينهما.. صحيح هناك تداخل لكنه ليس تطابقًا. الخليج في السنوات العشر الماضية ربما تجاوز مشكلات موجة «الربيع العربي» الأولى بشيء من الحصافة السياسية وبالاستفادة من الوضع الاقتصادي المريح للمواطن الخليجي لكن هذا لا يعني أن كل المشكلات انتهت أو سوف تنتهي قريبًا؛ لأنه أثناء الموجة الأولى وقعنا في مطب الخلاف القطري- الرباعي، وهذا مطب شديد التأثير في اللحمة الخليجية وأدى إلى تصدع الجبهة الخليجية وتصادمها بعضها مع بعض، فيما يتعلق بخلاف في وجهات النظر حول ما يجري في الساحات الملتهبة في سوريا وليبيا ولبنان حتى في مصر وتونس والسودان.. وكذلك الأمر بخصوص الساحة الإيرانية. فنحن إذن أمام إشكالية (خلافية) في البيت الخليجي تعطل من فاعليته اقتصاديًّا وسياسيًّا وهي إشكالية ليست هينة، ومن ثم افتقدت الوحدة الخليجية زخمها الذي بناه المؤسسون قبل أكثر من ثلاثين عامًا وفاعليتها على المستوى الإقليمي والدولي.

على المستوى العربي، معظم الساحات ملتهبة كما في الجزائز والسودان الآن. وثمة مشكلات عميقة نتيجة ضعف أو غياب دور الدولة في لبنان أو ليبيا.. كما تعاني مصر وهي أكبر الدول العربية سكانًا وضعًا اقتصاديًّا غير مريح رغم كل الجهود التي تبذل حاليًّا لإخراجها من عنق الزجاجة. إضافة إلى الحروب الدائرة في بلدان عربية مثل سوريا واليمن. قد لا يكون التدهور العربي أمرًا جديدًا لكنه تَعمَّق بوتيرة متسارعة في العقد الأخير لذلك أصبحت القدرة العربية عمومًا مرهقة وعاجزة عن الفعل في الساحة المحلية والعالمية ويجري استهدافها بقسوة اليوم.

ولا شك أن التغيرات الدولية كان لها تأثيرها في الساحتين العربية والخليجية. مع بروز التيارات اليمينية في أوربا، وانكماش التوجهات الخارجية لإدارة ترمب التي تركز أكثر على الاقتصاد والخوف من الهجرة وانتشار مخاوف الإسلاموفوبيا والصراع الاقتصادي الدولي. فالأمور بوجه عام غير مريحة في ظل «الحلفاء الصعبين» كما أسميهم. فبعد خروج بريطانيا من المنطقة منذ ستينيات القرن الماضي بدأت الولايات المتحدة تأخذ مكانها تدريجيًّا، عبر التدخل السلبي أولًا ثم النشط.. لكنه يقتصر حاليًّا على الملف الاقتصادي وليس السياسي. كما أن معرفة الولايات المتحدة بالإقليم ليست كمعرفة بريطانيا، فقد تصرفت إدارات أميركية مختلفة بالكثير من عدم المعرفة بالشؤون المحلية، فجاء بعض سياساتها يناقض البعض الآخر مما أربك الجميع.

احتمالات الحرب
● أشرتم إلى «الساحة الإيرانية».. وقبل سنوات كتبتم عن «حتمية الحرب الإيرانية- الأميركية».. برأيكم هل زادت نذر تلك الحرب؟

■ أعتقد أن الحرب الشاملة صعبة ولكن غير مستبعدة.. وأهم أسباب استبعادها تكمن في أن الولايات المتحدة نفسها ليست في وارد قرار الحرب بسبب الرأي العام الداخلي.. فنصوص الدستور الأميركي تمنع الرئيس من الانفراد بمثل هذا القرار دون الرجوع إلى الكونغرس وممثلي الشعب. رغم إمكانية التحايل على ذلك في تجارب سابقة بحسب كتاب أقرؤه حاليًّا بعنوان «الرؤساء الذين حاربوا». حيث وجدوا لهم ممرًّا خلفيًّا لإعلان الحرب وقد يحدث ذلك مع الإدارة الحالية، لكن ذلك يعتمد على التطورات الداخلية في الولايات المتحدة وكذلك التصرف الإيراني، إلا أن الشاهد هو وجود (تقابل سلبي) يدعمه كل ما نشاهد من أساطيل!

ولا بد أن نضع في الحسبان أن الإدارة الأميركية تتعرض لضغوط واتهامات حقيقية أو غير حقيقية من الداخل.. معظمها يطول ترمب الذي يحاول إقناع الشعب الأميركي بأنه ساهم في إنعاش الاقتصاد.. وهذا يعني أن قرار الحرب قد يؤثر سلبًا في سمعته وحظوظه في الترشح لولاية ثانية. السبب الثاني يتعلق بكلفة الحرب نفسها.. فمن السهل اتخاذ قرار الحرب لكن من الصعب اتخاذ قرار الخروج منها ومعرفة كيفية ذلك الخروج exit strategy. وهي أي إستراتيجية الخروج الأكثر صعوبة في التحديد. كما أن الإيرانيين يعولون على كسب الوقت حتى ذهاب الإدارة الحالية في 2020م وإن كنتُ أستبعد ذلك.. طالما استمر الاقتصاد الأميركي في الانتعاش من دون دخول حرب فإن ترمب سيفوز بولاية ثانية. كما أنهم يراهنون على الأوربيين وهو رهان متفائل أكثر من اللازم.

أيضًا الأميركان يفضلون الضغط القاسي على النظام في إيران عن طريق (الحصار) على أمل إحداث تغيير داخلي للنظام.. ففي وقت من الأوقات راهن الرئيس الأميركي السابق أوباما على «الكتلة الحرجة» داخل إيران إنْ قدَّم لها بعض التنازلات وأن تلك الكتلة سوف تغير من سلوك النظام أو ما سُمِّي وقتها المراهنة على المعتدلين. وحدثت بالفعل انتفاضة محدودة. لكن نجاح سيناريو التغيير الداخلي يتطلب طبقة متوسطة واعية وراغبة في التغيير، وشيء من الحريات ولن يتأتى ذلك في ظل الضغوط الخارجية الشديدة على إيران.

ومع استبعاد الحرب المباشرة يمكن أن تكون هناك حروب بديلة بالنيابة عن القوتين المتصارعتين.. تدور على أراضٍ عربية وبدماء عربية للأسف. فلن يكون هناك دم أميركي أو إيراني مباشر فيها. وهذا هو القائم تقريبًا خلال السنوات الماضية في سوريا وفلسطين وليبيا وربما يتوسع.

● رغم استبعادكم لخيار الحرب المباشرة لكنها تظل محتملة جدًّا وفق توقعات بعض المراقبين؟

■ سبق لي أن توقعت العديد من الأحداث، فعلى سبيل المثال كتبت في مجلة العربي عن الاتحاد السوفييتي عام 1985م بعد زيارتي له، بوصفه إمبراطورية أرجلها من خشب على وشك السقوط. وبالفعل سقط بعد خمس سنوات.. كما توقعت إخفاق الانقلاب العسكري هناك عام 1990م، فموضوع التوقعات ممكن إن كنت تقرأ الأحداث بعين بصيرة وليس ذاتية.

أما الأزمة الحالية فلكي تقوم حرب لا بد أن يكون الوضع الداخلي في إيران متأزمًا فتسعى السلطة للتهرب من التزاماتها وخلق جبهة تلتف حولها من خلال الحرب وإقناع الناس بالدفاع عن قضايا مصيرية لهم. وكذلك في الولايات المتحدة إن شعرت الإدارة بالتضييق عليها في الداخل (لأسباب قانونية وسياسية) قد تلجأ إلى إشعال حرب ولا نستبعد (حرب المصادفة) وهي تأزم الوضع إلى درجة أن شرارة صغيرة تشكل الصاعق للحرب، وقد حدث ذلك مرارًا في التاريخ على رأسه الأحداث التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى وهي معروفة!

وإذا وقعت الحرب ستَعمِد إيران إلى تحريك أذرعها المختلفة في اليمن والعراق ولبنان وأيضًا فلسطين وبلاد عربية أخرى وربما في الخليج، ممن أسميهم «جماعات الالتحاق الأيديولوجي الأعمى» للقيام بتفجيرات واغتيالات أو حتى انقلابات على أنظمة. وهنا لا بد أن نتذكر أن حزب البعث العراقي راهن على ذلك الذي سماه (عمق قواعد الموازرة) لكن عندما اندلعت الحرب لم تتفاعل معه هذه الأذرع والأدوات كما تصورـ وربما لا تتحقق الفاعلية لمثل هذا السيناريو مع إيران إذا ما أخذت الدول المستهدفة احتياطاتها أو قامت بعمليات استباقية. كما أن هذه الأذرع نفسها قد تعيد حساباتها في أية لحظة إذا أدركوا حجم الخسائر في صفوف الطرف الذي يؤيدونه.

● ما مدى تأثير ترسانة إيران العسكرية المتطورة في حال اندلعت الحرب؟

■ أما الترسانة العسكرية والحديث عن قنبلة نووية أو صواريخ بعيدة المدى، فأعتقد أنه خطاب للردع أكثر منه للمواجهة الفعلية. فلو كانت إيران تملك قنبلة نووية سوف تضرب بها إسرائيل. فإسرائيل أيضًا تملكها وسترد بالمثل. وسيكون التدمير هائلًا ويشمل بلدانًا أخرى ومجتمعات حليفة لإيران. لذلك تفسيري -حتى هذه اللحظة- أن كل ما يجري يدخل في إطار سياسة «العض على الأصابع» وسينتهي إلى تفاوض ما.

جذور الأزمة
● في رأيكم، أين تكمن جذور هذا التوتر المستمر منذ أربعة عقود؟

■ الدول التي ترتكز على أيديولوجيا قومية مثل إيران -وإن غلفتها بالمذهب الديني- عادة ما تعدّ نفسها أعلى من القوميات المجاورة الأخرى وتسعى للتمدد حسب تصوراتها التاريخية. وهذا أقرب لما حدث في ألمانيا الهتلرية وكذلك في اليابان الإمبراطورية إبّان الحرب العالمية الثانية. هذا النوع من التمدد السياسي والعسكري من الطبيعي أن يثير قلق الجيران والقوى العالمية الأخرى. خصوصًا أننا نعيش في منطقة بها مصادر مهمة للطاقة والثروة التي تهم الاقتصاد العالمي.

● هل يمكن الوصول إلى حلول للأزمة القائمة؟

■ هذا ممكن جدًّا من خلال علاقة «البيزنس مان» بعقلية «البازار».. حيث تُفتَح الأبواب والقنوات الخلفية للتفاوض. ويُتوصَّل لاتفاق يحفظ ماء الوجه لمختلف الأطراف يُروَّج للعامة بوصفه مكسبًا. ورغم أن هذا السيناريو هو الأقرب للتنفيذ لكنه سيكون غالبًا على حساب المصالح العربية. لأننا لو تأملنا الملف السوري على سبيل المثال سنجد أنه يُدار ما بين الروس والإيرانيين والأتراك ولا وجود للعرب في التفاوض، خروج الإيرانيين من الملف السوري هو مكسب روسي/ تركي لذلك ليس هناك اعتراض كبير روسي/ تركي على حصار إيران الاقتصادي الحاصل. كذلك الأمر في مجموعة «5 +1» الخاصة بالملف النووي الإيراني لم تُدْعَ إليها أي دولة عربية. وعندما اقترحت المشاركة العربية بصفة «مراقب» طلب العرب والخليجيون خاصة ضم ملف التمدد الإيراني في المنطقة فلم يُستجَبْ لهم. لذلك يمكن بالفعل أن يحدث تفاوض جدي عبر طرف ثالث لكن النتائج ستكون على حساب المصالح العربية.

● إلى متى يتحمل العرب -ودول الخليج خاصة- أعباء المزيد من التوترات والصراعات الإقليمية والدولية؟

■ الجبهة العربية هشة بسبب تنافر السياسات والحروب الأهلية.. ولا توجد لدينا رافعة عربية يمكن التعويل عليها باستثناء محور السعودية وبعض دول الخليج ومصر.

والجهد العربي أقرب إلى الإنهاك. لذلك طالبت منذ سنوات طويلة أن يخلق العرب بديلًا حضاريًّا مختلفًا تجاه الإستراتيجية الإيرانية. لكن للأسف بعض الدول العربية تبنَّت برنامجًا (دينيًّا) لمواجهة البرنامج الديني الإيراني. وهو ما انتهى بنا إلى جماعات مثل «القاعدة» و«داعش».. فالنموذج العربي الحضاري لم يُخلق إلى الآن. أو لنقل: إنه ما زال في طفولته قياسًا إلى الجهود الإصلاحية الحالية في السعودية وكذلك في مصر التي شهدت إصلاحات مبشرة رغم صعوبتها. وستؤدي إلى تعافي الاقتصاد إذا نجحت الحكومة في تقليل نسب الفساد والتخفف من البيروقراطية التي تعوق حركة التنمية. كما أن جزءًا من الهجوم الإعلامي على السعودية هي الإصلاحات الاقتصادية ولكن الأهم الاجتماعية التي تحدث فيها، فهناك تيار مقاوم لتلك الإصلاحات، إن أحسنّا النية، خوفًا من نتائجها؛ لذلك من المهم جدًّا مناصرة تلك الإصلاحات؛ لأنها عمود المشروع المرجوّ للدخول في العصر.

الأزمة الخليجية
● تبدو الأزمة الخليجية الحالية انعكاسًا آخر للتوتر الحالي مع إيران.. فهل من حلول في المنظور القريب؟

■ الأزمة الخليجية تشكل خسارة لمختلف الأطراف وسبق أن كتبت عنها مجموعة من الدراسات والمقالات. ربما بعض المطالب من قطر مبالغ فيها أو غير مهمة. لكن المطلب الأساسي يتمثل في مساعدة الدوحة لقوى الإسلام السياسي واحتضانها، لاعتقادهم أنها سلاح يحاربون به الآخرين تحت وطأة الشعور بالتهديد. وهذا أمر محزن لأن هذه القراءة خاطئة وجماعات الإسلام السياسي نفسها تنظر إلى قطر وتصنفها مثل غيرها من دول مجلس التعاون رغم الاستفادة من الدوحة تكتيكيًّا، والمؤكد أن المخاوف من تلك الجماعات حقيقية وأن مناصرتها سوف تعود بالسلب فهي مجموعات انقلابية، ذلك الملف الذي يجب أن يحسم وهو الملف (الأم) إن صح التعبير، الملفات الأخرى مقدور عليها.

● هنا ثمة سؤال يفرض نفسه، معظم الدول العربية تعاملت مع قوى الإسلام السياسي؟

■ هذا صحيح.. لكن المعضلة أن جماعات الإسلام السياسي كلما تقدمت نحو الديمقراطية فقدت قدرتها على الحشد. وكلما بقيت في الحشد ابتعدت من الديمقراطية. وكثيرًا ما تنقلب على عملية تداول السلطة بسلمية. فعلى سبيل المثال استفاد حزب أردوغان في تركيا من الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية السابقة عليه. ومنذ وصوله إلى السلطة بدأ يتنصل تدريجيًّا من الديمقراطية وباتت كل السلطات تقريبًا في يده. فلأول مرة في تاريخ تركيا الجمهورية تكون الرئاسة والحكومة والحزب بيد شخص واحد. وهذا كان مُحرمًا دستوريًّا في السابق، وهو ما أدى إلى تراجع المسار الديمقراطي بدليل إلغاء الانتخابات الأخيرة في بعض بلديات تركيا. وكذلك تضرر الاقتصاد، كما أن مسلسل الاعتقالات ما زال قائمًا على خلفية محاولة الانقلاب عام 2015م، فهل من العقل أن يعتقل أناس في عام 2019م؛ لأنهم مشاركون في انقلاب قبل ثلاث سنوات ولم يكتشفوا في حينها، ذلك مثال.

والمثال الآخر في المغرب فقد فقدت جماعة الإخوان كثيرًا من منطلقاتها. وربما نجاح التجربة جزئيًّا في تونس نتيجة أن قوى الإسلام السياسي هناك استفادت من إرث بورقيبة.. كما سعوا إلى عدم الخلط بين الدعوة والسياسة والاندماج أكثر في عملية تداول سلطة حقيقية وتعاملوا بدرجة أفضل من النضج ولكن ما زالت المخاطر قائمة، على عكس ما حدث في مصر. أذكر عقب وصول مرسي للحكم في مصر كتبت أن الإخوان رغم أن معظمهم من أصول فلاحية لكنهم اختلط عليهم موسم الإزهار بموسم الإثمار. وتصوروا أنهم سيحكمون لألف سنة! وقد صرحوا بذلك!

الربيع العربي
● بالعودة إلى ظاهرة «الربيع العربي» هل يمكن أن نعدّها نتيجة عجز الأنظمة العربية عن تداول السلطة طيلة عقود؟

■ هناك عوامل كثيرة ومتشابكة تفسر ما يعيشه العالم العربي الآن. فبسبب العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي وانتشار التعليم رغم كل التحفظات على مستواه. تبلور التوجه نحو المطالبة بدولة وطنية حديثة وعادلة وليس أنظمة إعادة إنتاج الأنظمة القمعية. لكننا نعاني غيابَ التنافسية السياسية في المجتمع، أي وجود قوى مدنية أو تجمعات سياسية تعمل في وضح النهار وتقدم برامجها للناس، الاحتباس في هذا الأمر أغلق العمل السياسي، وكان المخرج هو (الانفجار). ولو عدنا إلى النموذج الإيراني سنجد أن الشاه وفر تعليمًا جيدًا وكان لديه تنمية اقتصادية لكنه لم يترك الفرصة لأي تطور ديمقراطي بل حكم على نحو قمعي من خلال جهاز «السافاك» وحزب البعث الإيراني. وكانت النتيجة أن الناس استجابت لنداء الحوزة الدينية، المجال المتاح والوحيد، بل أعرف شخصيات مدنية ويسارية إيرانية التفوا وراء الخميني وكانوا يقولون: إنه الوحيد القادر على إخراج مليون شخص إلى الشارع. لكننا من سنحكم في النهاية وهذا لم يحدث، مثلما التف نظراؤهم في مصر وساندوا جماعة الإخوان.

هذه الأنظمة القمعية أو ذات الأيديولوجيا المغلقة تكمن عناصر تدميرها في بنيتها هي نفسها. ولهذا أراهن على انهيار النظام الإيراني الحالي في وقت ما. فلا يمكن أن تحكم الناس بمقولات خرافية مدة طويلة وتحسب على الناس أنفاسهم وتغلق أي مجال للتنافس السياسي الحر.

أما في العالم العربي وبسبب غياب التنافسية السياسية -التي أشرنا إليها- فكان من الطبيعي أن تندفع انتفاضات عشوائية في مصر وسوريا وليبيا واليمن. شباب غاضبون وغير راضين عن الوضع القائم لكنهم غير منضمين ولم يخلقوا نموذجًا لما يريدون. بسبب الافتقاد للتنظيمات السياسية المتنافسة وعدم وجود مجتمع مدني حديث. لذلك بعد ثورة يناير العظيمة في مصر قفزت إلى السلطة جماعة الإخوان؛ لأنها الجماعة الوحيدة -خارج الجيش- المنظمة والملتزمة. صحيح أن إضعاف المجتمع المدني قد يريح بعض الحكام مدة.. لكنه ينتهي بهم إلى القتل أو السجن كما حدث في أكثر من دولة عربية.

● ثمة من يرى أن جماعات الإسلام السياسي لعبت دورًا وظيفيًّا محليًّا لبعض الأنظمة. وثمة من يعدّها بمثابة «مخلب قط» لقوى إقليمية ودولية. فكيف تقرؤون ظواهر مثل «القاعدة» و«داعش»؟

■ بداية لا بد من التأكيد أن الدين مكون أساس في حياة الإنسان سواء أكان مسلمًا أم مسيحيًّا أم بوذيًّا. لكن المشكلة هي في التفسير وتعسف تأويل النصوص وتوظيفها سياسيًّا. فعلى سبيل المثال عندما نشأت «جماعة الإخوان» كانت ترى أن مهمتها استعادة «الخلافة» لأن ذلك أمر عقائديّ وليس سياسيًّا. كما رأى مؤسسها حسن البنا أن «الشورى مُعلمة وليست مُلزمة» وهذا يتنافى مع فكرة الديمقراطية. والعديد من الأفكار الساذجة جرى تداولها من دون تطوير بل زاد الطين بِلَّة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، التي ضخمت ونشرت خرافات هائلة لا طائل من ورائها. بل أصبح هناك ما يسمى «بيزنس الدين» الذي يحقق لهؤلاء الدعاة الثروة والمكانة الاجتماعية.

لا شك أن بعض الأنظمة وظفت مثل هذه الجماعات سياسيًّا وساهمت في تصعيدها كأداة يمكن الاستفادة منها. كما حدث على سبيل المثال في تجربة أفغانستان التي كتبت عنها عقب أحداث 11 سبتمبر وأشرت إلى أنه كان لدينا إستراتيجية دخول لكن لم يكن لدينا إستراتيجية خروج من هذا المستنقع على عكس الأميركان. وأذكر أنني بعد نشر المقال دُعيت إلى ديوان البابطين في حفلة غداء على شرف الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمة الله عليه- وفوجئت بأنه قرأ المقال وقال لي: «كلامك صحيح» ووافقني الرأي فيما ذهبت إليه. فنحن إلى الآن لم نخرج بتصور ديني لمواجهة العصر الحديث؛ لأن جماعات الإسلام السياسي القائمة على الطاعة العمياء تحارب مثل هذه المحاولات، لمصلحة أجندتها وأملًا في تطبيق تصوراتها حتى لو كانت كارثية.

هذا عن دورها الوظيفي داخليًّا، وهو لا ينفي بالطبع أن لديها أدوارًا أخرى مرتبطة بقوى إقليمية ودولية، كما نرى حاليًّا في سوريا وليبيا واليمن حتى في فلسطين.

الموجة الثانية
● هل يمكن للموجة الثانية من ظاهرة «الربيع العربي» في السودان والجزائر، أن تتعلم من أخطاء الموجة السابقة؟

■ في هذه الموجة يبدو لي أن هناك حرصًا أكبر على السلمية بحسب ما تشير إليه الدراسات السوسيولوجية. فالشعب يستطيع أن يقاوم النظام سلميًّا لكنه لو لجأ إلى القوة والعنف فإن السلطة أقوى وأكثر عنفًا. وهو ما آلت إليه الأوضاع في التجربة السورية. مع اندفاع بعض الجماعات لاستخدام العنف. فجاء الرد قاسيًا وتسبب في قتل وتهجير مئات الآلاف.

● إذا كانت دول الخليج نجت من تداعيات الموجة الأولى لـ«الربيع العربي» بسبب الاستقرار السياسي والاقتصادي كما أشرتم. هل يمكن أن تنجو أيضًا من تأثير الموجة الحالية؟

■ نحن لسنا خارج التاريخ. أوربا على سبيل المثال عرفت العديد من الثورات المتتابعة. لذلك أشبه الثورة بموج البحر. تأتي موجة كبيرة وتغطي مساحة ثم تتراجع. وتأتي موجة أكبر وتغطي مساحة أوسع. وكتبت عن الموجة الأولى والثانية. وأعتقد أن هناك موجة ثالثة لكنني لا أعرف متى تحدث ولا ما هو شكلها؛ لأن الناس تتوق إلى أنظمة حديثة يعامل فيها البشر كبشر. يقلّ فيها القمع وتكثر الحريات. يقل فيها الفساد والبيروقراطية. أمام هذه الآمال التي يغذيها التعليم والعولمة ووسائل التواصل الحديثة لا يمكن دفن الرؤوس في الرمال بل لا بد من الوصول إلى تلك المرحلة المتقدمة. بالتأكيد تضم ظاهرة الثورات سلبيات وإيجابيات. لكنني لا أجد أي نجاح نهائي لهذه الثورات سواء في الموجة الأولى أو الثانية. وكلها وقعت في الجمهوريات (الملكية) أو «الجملوكيات» العربية. ونفدت منها الملكيات لأنها بطبيعتها فيها هامش من التسامح والقبول لأن الحاكم لا ينظر إلى نفسه فقط بل أيضًا إلى الأسرة الحاكمة كلها واستمراريتها في المستقبل، لذلك ثمة مرونة في الإدارة، إلى جانب الوضع الاقتصادي المريح. لكن قلقي في الخليج من التوجه إلى الحل الأمني لأنه حل مكلف. والأمنيون عادة يضخمون المخاطر ونظرتهم قاصرة وقد تؤدي إلى (عداء) القاعدة الشعبية للسلطة. وأتمنى أن يتجه الخليج أكثر إلى الإصلاح السياسي الذي يأخذ في الحسبان طموحات الناس في دولة ملكية تديرها مؤسسات وليس أفراد. وهناك بالفعل محاولات جديرة بالاعتبار مثل التجربة الكويتية والعمانية والأخيرة تعتمد على برلمان نصفه منتخب ونصفه الآخر معين، أيضًا يوجد في البحرين مجلسان.. وكلها تجارب بها مثالب تحتاج إلى تطوير.

● في ظلال «الربيع العربي» أيضًا.. ثمة سؤال سبق لكم طرحه في أحد المقالات: هل انتهى دور العسكر في العالم العربي أم بدأ؟

■ المجموعات المنظمة في معظم الدول العربي إما تيارات دينية أو الجيوش بما تتمتع به من ضبط وربط وانتماء عامة الناس إليها. بالتالي هما الأقرب دائمًا لتولي السلطة. أذكر أن محمد محمود ولد أحمد كان أحد رؤساء موريتانيا وكان عسكريًّا قد تنازل عن الحكم. ورحب بذلك الكثير من المثقفين والمعلقين العرب. ويومها كتبت مقالًا أنه لا يجب الفرح بذلك، وبالفعل عاد في قراره. أعتقد أننا حاليًّا في مرحلة انتقالية تتطلب سياسات معينة لكن قلة من المسؤولين من يدركون ذلك. والأقرب والأسهل دائمًا هو القمع. لكن مهما بلغت قوة القمع لن يكون أقوى من جهاز «السافاك» في إيران الذي وصلت به الحال إلى ممارسة ضغوط على أعضاء البرلمان البريطاني! مع ذلك عجز في نهاية المطاف عن مواجهة التغيير وحماية الشاه نفسه.

ثمة حاجة إلى الاهتمام بالجبهة الداخلية وهو ما يتطلب دراسات سوسيولوجية. فمع اندلاع الأحداث في السودان كتبت مقالًا عن أن الشعوب تدار بـ«السوسيولوجيا» وليس بـ«الأيديولوجيا».. فلن تطعمهم الأفكار الجاهزة -خصوصًا إذا كان الزمن تجاوزها- خبزًا أو تحقق لهم مصالح.

● إلى أي مدى يمكن أن تسهم جامعة الدولة العربية بوصفها المظلة الكبرى.. في معالجة كل هذه الملفات الشائكة؟

■ في إحدى المرات كتبت أن الجامعة العربية هي مكان لتناول القهوة. كان تعبيري قاسيًا لكنها عاجزة عن فعل شيء. في المرحلة الناصرية كانت قادرة أكثر على التأثير؛ لأنه كان هناك ( رافعة). فهي على سبيل المثال وقتها التي حمت استقلال الكويت من أطماع عبدالكريم قاسم. بسبب وجود رافعة مؤثرة. كما كان لها دور جيد إبان احتلال الكويت مع تصويت الأغلبية. لكن في معظم القضايا العربية المهمة تبدو الجامعة بلا دور. ويمكن تشبيه دورها بحركة النهر. فمع عجزها ووصولها إلى طريق مسدود كان من الطبيعي البحث عن تفريعات إقليمية صغرى موازية لها مثل اتحاد الدول المغاربية ومجلس التعاون العربي الذي ضم مصر والعراق والأردن واليمن.. وطبعًا مجلس التعاون الخليجي. ومعظم هذه المظلات أيضًا أخفقت باستثناء مجلس التعاون الخليجي رغم أزمته الحالية التي يمكن أن تعصف به هو الآخر ما لم تعالج بحكمة.

حواضر الثقافة
● مع ما تشهده حواضر عربية عريقة مثل بغداد ودمشق والقاهرة من حروب وتراجع.. هل يمكن أن تشكل مدن الخليج بديلًا في ظل ما تنعم به من استقرار ورخاء نسبي؟

■ إذا كنا نتحدث عن الثقل الثقافي والتاريخي لحواضر مثل بغداد والقاهرة ودمشق.. ومدى قدرة مدن مثل الكويت والرياض وأبو ظبي ودبي أن تشكل قاطرة للمستقبل، فدعنا نقرر بداية أنه إذا لم يفهم متخذ القرار أهمية الثقافة ودورها الرافع للمجتمع فإنه يفتقد للشيء الكثير. كما أن الثقافة لا تزدهر في المدن إلا في المجتمعات الحرة أو القريبة من الحرية؛ لأنه يمكنك أن تنتج قصصًا وأشعارًا وروايات. لكن إذا كانت موجهة ومُنتجها خائف وقلق فلن يقدم الشيء الصحيح. ومن ناحية أخرى فإن الثقافة هي بناء الإنسان. ورأسمال الشعوب هو الإنسان. فإن لم يحظ بتعليم جيد وتنمية حقيقية لن يرتفع إلى مستوى حضاري معين.

وهنا لدينا قضايا ومفاهيم أساسية: أولها- قضية المعرفة والقدرة على إنتاجها وتطويرها مع الأخذ في الحسبان أن المعرفة متغيرة.. وفي مقدمتها معرفة النفس، فنحن على سبيل المثال نصادر معظم المحاولات الجادة لفهم ودراسة الإسلام كجزء من هويتنا ووعينا. والكثير مما هو رائج ليس سوى عادات، أو بتأثير سلبي من المروجين لما يسمى «الصحوة». وسبق لي أن كتبت كثيرًا عن تلك الصحوة المزعومة وتأثيراتها وتفسيراتها الخارجة عن العقل التي تُقدم بوصفها «حقيقة». وللأسف لا توجد في نظمنا التعليمية مناعة لمقاومة مثل هذه الأفكار.

وثانيها- الموقف الإيجابي والفعال من الحياة الذي يستشرف المستقبل ولا ينغلق على الماضي.

وثالثها- المهارات والابتكارات، فأميركا حققت طفرة هائلة من خلال إنتاج وبيع «السوفت وير» والهند أيضًا حققت نقلة حضارية من خلال التعليم والتفوق في مجال «البرمجيات» لدرجة أن بعض هؤلاء لا يفضل العمل في الدول الخليجية؛ لأن لديه عروضًا أفضل من شركات عالمية كبرى.

ومن دون إعادة النظر في قضايا المعرفة والمهارات والموقف الإيجابي من الحياة لخلق نسق ثقافي متطور، من المستبعد أن تحقق أي مدينة عربية النقلة الحضارية المرجوة.

● وماذا عن النموذج السعودي وما قدمه من تغيرات إيجابية تتعلق على سبيل المثال بحقوق المرأة والاهتمام بالفنون المختلفة وضخ دماء شبابية في مواقع القيادة. كيف يمكن أن ينعكس ذلك إيجابيًّا على المنظومة الخليجية والعربية؟

■ أسعدني من دون شك التطور الذي تشهده المملكة والأمير محمد بن سلمان ولي العهد قدم مشروعًا مهمًّا للتحديث. هذا المشروع استفاد من التراكم الكمي في التعليم الذي تحول بمرور الزمن إلى تراكم كيفي. ففي علم الاجتماع إذا جئت بزجاجة ماء ووضعت فيها قطرة حبر لن تغير فيها شيئًا لكن بمرور الوقت هناك قطرة معينة ستغير لون الزجاجة كلها. أذكر عندما طلبت مني مجلة «السياسة الدولية» دراسة عن التطور والتحول في الخليج لاحظت أن الإنتاج العلمي في المملكة يعادل تقريبًا الإنتاج المصري برغم التفاوت السكاني. ورغم أن البعض يتحدث عن قيادة المرأة للسيارة والانفتاح في الفنون، لكن أعتقد أن حجر الزاوية يتمثل في تطور التعليم كمًّا وكيفًا وممن لعبوا دورًا في ذلك وزير التعليم السابق محمد العيسى الذي سبق له أن أصدر كتابًا عن إصلاح التعليم. فقد سعت المملكة إلى تغيير المناهج وتكثيف سنوات الدراسة وبناء مجتمع حديث له علاقة بسوق العمل والإنتاج. يُضاف إلى ذلك الإصلاحات التقنية وإصلاح الإدارة وتحديثها والاستفادة من الرقمية وتدريب الكوادر الشابة وإتاحة الفرص لها.

إذن نحن أمام حزمة مهمة من الإصلاحات تتطلب أيضًا مزيدًا من الإصلاح السياسي لسد الباب على الناقدين والمتربصين بالمملكة. خصوصًا أن البعض يتحدث دائمًا عن السعودية وفقًا لصورة نمطية ونظرة يجري إسقاطها ولا علاقة لها بالواقع. وسبق أن عقدنا مؤتمرًا عن نظرة الغرب للعرب في الروايات، واكتشفنا أن النظرة الدونية للغرب تنعكس أيضًا على بعض العرب في نظرتهم إلى السعودية والخليج عمومًا.

الطريق إلى المستقبل
● بحكم موقعكم الأكاديمي والإعلامي المرموق، إلى أي مدى يستفيد صانع القرار في العالم العربي من آراء المفكرين وجهود المراكز البحثية؟

■ قليل منهم من يستفيد من ذلك. ولو كان ذلك يحدث لما وقعنا في الكثير من المآزق التي عانيناها. وربما بعضهم للأسف ليس لديه الوقت للقراءة والمتابعة.

● كيف ترون أحوال التعليم في العالم العربي قياسًا إلى تجربتكم الطويلة في جامعة الكويت؟ هل ثمة أمل في إصلاحه؟

■ ما كُتب عن إصلاح التعليم في العالم العربي كثير. لكن لا أعتقد أن هناك أملًا قريبًا في إصلاحه. التعليم له علاقة وطيدة بالمجتمع وأنظمته الدينية والسياسية والقانونية والأخلاقية وليس مجرد نظام قائم بذاته. وللأسف هذه المنظومة كلها لا تتيح تعليمًا حديثًا قادرًا على أن يقدم للناس ما يجب. هذا لا ينفي أن هناك تجارب جيدة كما في الإمارات على سبيل المثال. وفي الآونة الأخيرة بدأت مصر إستراتيجية جديدة لمنظومتها التعليمية. وبعض الجامعات العربية الخاصة على مستوى مميز. لكن جامعاتنا العربية ما زالت خارج تصنيف أفضل مئتي جامعة في العالم. وهذا هو التحدي الذي يجب الاشتغال عليه فيما يتعلق بالمناهج ومستوى الأستاذ نفسه ومهاراته.

● تراهنون على التعليم كأحد مفاتيح المستقبل لانتشال المجتمع العربي من التدهور؟

■ بالتأكيد التعليم هو المفتاح الرئيس لمعالجة العديد من الملفات التي نعانيها؛ لأنه في ظل محدودية الموارد يستطيع التعليم أن يطرح مبادرات مهمة لتحسين أوجه استثمارها وابتكار صيغ أخرى للثروة وهو ما يطلق عليه «اقتصاد المعرفة». فالتعليم قاطرة أي نهضة وأي طريق إلى المستقبل وهذا ما تعلمناه من تجارب دول كثيرة مثل سنغافورة وماليزيا. وكذلك الهند حيث قام نهرو بتأسيس معهد علمي على غرار معهد MIT الشهير في أميركا، وسبق أن نشرنا في سلسلة «عالم المعرفة» كتابًا مهمًّا عن التجربة الهندية في التعليم والمعرفة بعنوان: «أمة من العباقرة». والآن لديهم ثمانية معاهد مرموقة يتنافس الشباب على الالتحاق بها وتجني الهند من ورائها بلايين الدولارات في مجال «البرمجيات».

رابط المقالة http://www.alfaisalmag.com/?p=16496