أكد أكاديميون وباحثون خليجيون أن الماء والغذاء والطاقة من أهم عناصر الامن القومي الخليجي، وشددوا على أهمية إقامة شراكة حقيقية بين دول الخليج في القطاع الزراعي.
كما شدد المشاركون على ضرورة وضع استراتيجية خليجية موحدة، وتبادل المعلومات، ووضع قاعدة بيانات خليجية في مجال الماء والغذاء والطاقة.
جاء ذلك في اللقاء السنوي الـ36 لمنتدى التنمية الخليجي والذي شهده فندق الخليج أمس –الجمعة – والذي يعقد تحت عنوان «المياه والتنمية المستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي» (دورة المرحوم أسامة عبدالرحمن) على مدى يومين، بحضور د.محمد الرميحي الامين العام للمنتدى والخبيرالاقتصادي جاسم السعدون وبمشاركة أكثر من 100 أكاديمي وباحث وخبير خليجي يمثلون الدول الست وعدد من الفعاليات البحرينية.

 

 

 

 

أوراق المنتدى
وقد استعرض المنتدى أربع أوراق بحثية وهي الورقة الاولى للدكتور عادل بشناق بعنوان «مستقبل تحلية المياه في دول الخليج والعالم العربي»، والورقة الثانية للدكتورة إسرا ءالعيسى الاستاذة بجامعة الكويت وتمحورت حول موضوع «مياه الصرف الصحي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، والورقة الثالثة للدكتور خالد الرويس تمحورت حول «خيارات الأمن الغذائي الخليجي العربي الماء والغذاء»، والورقة الرابعة للدكتور وليد خليل زباري مدير برنامج الموارد المائية بجامعة الخليج العربي وتمحورت حول «الأمن المائي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية».

بشناق: طاقة محطات التحلية
الخليجية تمثل 60% من التحلية العالمية
وكانت الورقة البحثية الاولى في المنتدى للدكتور عادل بشناق خبير تحلية المياه وهي بعنوان «مستقبل تحلية المياه في دول الخليج والعالم العربي» حيث كشف ان طاقة محطات التحلية في دول مجلس التعاون تمثل أكثر من 60% من إجمالي طاقة التحلية عالميا.
كما تناول بشناق أهمية تحلية المياه لمستقبل دول الخليج وتعزيز التعاون والتنمية، ومنتقدا انعدام وضعف الاهداف والخطط الاستراتيجية الشاملة، وحدد في الورقة متطلبات الاستدامة المالية والادارية والبيئية ومتطلبات مجتمع المعرفة.
وأشار بشناق إلى ايجاز سياسات وبرامج توطين خدمات وتقنيات وصناعات تحلية المياه بهدف الانتقال إلى اقتصاد المعرفة بدون تأخير. وتعزيز الأمن المائي وزيادة فرص التعاون والتكامل بين دول الخليج أولا ثم مع بقية الدول العربية مستقبلا في المجالات الحيوية لأمن واستقرار المنطقة، مشيرا الى أن السياسات والبرامج المقترحة في هذا الباب تنطبق أكثر على ظروف وأوضاع المملكة العربية السعودية ويشاركها غالبية دول الخليج، لكن ربما تختلف الأولويات حسب ظروف وجغرافية كل دولة.

ثلث إنتاج النفط الخليجي
ينفق على محطات تحلية المياه
أما الورقة الثانية للدكتورة إسراء العيسى الاستاذة بجامعة الكويت فقد تمحورت حول موضوع «مياه الصرف الصحي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»
وقد استعرضت العيسى في دراستها جهود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مجال معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها والتي أصبحت ضرورة ذات أولوية ملحة، وخصوصا في ضوء الاستهلاك العالي للمياه المحلاه بتكاليفها العالية وتأثيراتها البيئية المصاحبة.
وكشفت ان ثلث إنتاج النفط في دول المجلس ينفق على محطات تحلية المياه بها، وان الكويت أقل دولة على مستوى العالم لديها مصادر مياه متجددة، وأن مادة الزئبق لدى المرأة الكويتية 10 أضغاف ما يوجد لدى المرأة الأمريكية.
كما كشفت أن البحرين والكويت وقطر لديها أعلى معدلات الاستهلاك في المياه، وان قطر تتصدر إنتاج الفرد في مياه الصرف الصحي ويستوعب جميع دول مجلس التعاون، وان الكويت هي الدولة الخليجية الأولى في دول مجلس التعاون في معالجة مياه الصرف الصحي، مؤكدة ان خدمات إمدادات المياه في الصرف الصحي متاحة بنسبة 80-90 بالمائة للسكان في دول مجلس التعاون.
وحددت الأسباب التي دعت إلى معالجة المياه في دول المجلس وهي ندرة المياه وغلاء التحلية والبعد البيئي والاستهلاك العالمي، ومطالبة بتقنين الاستهلاك في المياه وفرض رسوم على تجمبع مياه الصرف الصحي وفرض رسوم تعريفة رمزية والدعم السياسي والإطار القانوني لتشجيع إعادة تدوير مياه الصرف الصحي وعمل دراسات تطبيقية وخطط تخص السياسات الوطنية والتحليلات الاقتصادية إلى جانب النوعية والتثقيف في المجتمع.
وشددت العيسى على ان هناك إمكانية لاسترجاع نسبة 60-80 بالمائة من الطاقة المستخدمة من الحماة لاستخدام البكتيريا لإنتاج التيار الكهربائي مباشرة لاستخدامها في تسيير محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
وبينت أن مما يزيد من أهمية هذه المياه المعالجة هو استنزاف المياه الجوفية والنضوب المستمر لمخزونها في المنطقة والتي تظهر آثاره في تدهور نوعية هذه المياه في العديد من الآبار في المنطقة، بالإضافة إلى ضرورة رفع سعة وكفاءة محطات معالجة مياه الصرف الصحي للحد من الآثار البيئية من تصريف المياه غير المعالجة في الأودية والشواطئ التي تعد من أهم أسباب تلوث البيئة الساحلية في المنطقة.
وتابعت: ومع أن التقارير للمشاريع المستقبلية لقطاع الصرف الصحي المتعلقة بالمعالجة وإعادة الاستخدام في دول المجلس تدعو للتفاؤل، إلا أن الفجوة في استغلال هذه المياه تبقى كبيرة، وتمثل فرصا ضائعة تحت ظروف الندرة المائية التي تعيشها دول المجلس.
وزادت: ففي الوقت الراهن وبالرغم من أن إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي متاحة لنسبة كبيرة من السكان، لا سيما في المناطق الحضرية، حيث تصل هذه النسبة من 80% إلى 90%، فإن معدل المعالجة لا يزيد عن 56% وسطيا في دول المجلس، ولا تتجاوز معدلات إعادة الاستخدام أكثر من 30% من إجمالي المياه المعالجة وسطيا.
واضافت: وبالرغم من أن الأغلبية العظمى من هذه المياه تتجه نحو الري الزراعي، إلا أن متوسط نسبة المياه المعالجة إلى نسبة المياه الجوفية في القطاع الزراعي لا تتجاوز 9%. ويعود السبب في ذلك بشكل رئيسي إلى نوعية المعالجة وأحيانا تدهور جودة المياه المعالجة في بعض المحطات جراء تحميلها فوق طاقتها الاستيعابية، ونقص شبكات إعادة توزيع المياه المعالجة، بالإضافة للحاجة إلى مراجعة بعض معايير استغلال هذه المياه وتوسعة نطاق استخدامها، والحاجة لرفع وعي العامة بضرورة استغلالها. وفي ضوء هذه المبادرات تظل إجراءات الحد من استهلاك المياه في دول مجلس التعاون الخليجي الحل الأول والأهم لمشاكل قطاع المياه فيها وقطاع الصرف الصحي بشكل خاص.

الرويس: منظومة الأمن الغذائي
الخليجي تتحقق بالتوسع في الزراعة المحلية
أما الورقة الثالثة وهي للدكتور خالد الرويس استاذ الاقتصاد الزراعي بكلية علوم الاغذية والزراعة بجامعة الملك سعود وتمحورت حول خيارات الأمن الغذائي الخليجي العربي «الماء والغذاء»، فقد أكد أن قضية الأمن الغذائي تعتبر من أهم خمس قضايا مطروحة على المستوى العالمي، حيث تلجأ بعض الدول المحتكرة لإنتاج وتصدير السلع الغذائية وخاصة الاستراتيجية منها إلى الضغط السياسي والاقتصادي على كل من الدول النامية والمتخلفة.
وتابع: وتسعى دول مجلس التعاون إلى تحقيق مستوى معين من الأمن الغذائي، فعلى سبيل المثال تسعى المملكة العربية السعودية لتحقيق ذلك عن طريق الاحتفاظ بمخزون استراتيجي من السلع الغذائية يكفي الاحتياجات الاستهلاكية لمدة ستة أشهر على الأقل وذلك لمواجهة الظروف الطارئة، خاصة أن منطقة الشرق الأوسط أصبحت غير مستقرة عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
وزاد:ويتم تكوين هذا المخزون عن طريق الإنتاج المحلي، والواردات الزراعية، والاستثمار الزراعي الخارجي، موضحا أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تقع في نطاق الأراضي الجافة إلى شديدة الجفاف وتعاني من ندرة الموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة، ويزيد من الضغوط عليها في مجال تامين الغذاء ارتفاع معدلات النمو السكاني وبالتالي زيادة الطلب على المواد الغذائية وارتفاع أسعارها. وعليه، فإن توافر مخزون استراتيجي من السلع الغذائية يضمن استمرار تدفق السلع للأسواق المحلية، ومن ثم استقرار الأسعار لضمان عدم نشوء أزمات غذائية مستقبلية.
وشدد الرويس على ان زيادة عدد السكان وارتفاع مستويات الدخل ادى إلى ارتفاع مستوى الاستهلاك الغذائي في دول مجلس التعاون، وكاشفا عن أن 28 مليون عامل يعملون في القطاع الزراعي العربي، وان 60-70% هي نسبة هدر المياه في القطاع الزراعي بدول المجلس.، وان 80 مليار دولار قيمة الانتاج الزراعي العربي.
وحدد محاور تحقيق منظومة الامن الغذائي الخليجي في السلع الغذائية الاستراتيجية وهي عن طريق التوسع في الزراعة المحلية، والاستيراد، والاستثمار الزراعي في الخارج.
واشار الرويس إلى أن جميع الدول تسعى إلى تلبية مطالب مواطنيها وتحسين مستوى معيشتهم وتوفير السلع الغذائية بأسعار تتناسب مع دخولهم في ظل الأوضاع الراهنة، مضيفا «أن الاحتفاظ بمخزون إستراتيجي من السلع الغذائية أصبح من الاعتبارات الضرورية لتحقيق الأمن الغذائي لدول الخليج العربية».
وبين أن المملكة العربية السعودية قد تبنت مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي الخارجي للحد من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية وإيجاد مخزون استراتيجي آمن من السلع الغذائية الأساسية، بما يحقق الأمن الغذائي للمملكة ويحول دون نشوء أزمات غذائية مستقبلا، بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار أسعار المواد الغذائية طوال العام.

زباري: أربعة سيناريوهات
للامن المائي تحدد مستقبل مجلس التعاون في هذا المجال.
أما الورقة الرابعة والاخيرة فهي للدكتور وليد خليل زباري مدير برنامج الموارد المائية بجامعة الخليج العربي وتمحورت حول «الأمن المائي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية» الذي حدد اربعة سيناريوهات مستقبلية للامن المائي في دول المجلس وهي اولا: الاسواق، وثانيا: اصلاح السياسات، ثالثا: الامن، رابعا: الاستدامة.
وأكد على ان اهم الدروس المستفادة من دراسة السيناريوهات هي ان المياه والبيئة بشكل عام لا يمكن التعامل معها والنظر في مستقبلها في المنطقة بمعزل عن العديد من القوى الدافعة في المجتمع، وياتي في مقدمتها السياسات الاجتماعية والاقتصادية، ودور القطاع الخاص، وتقدم مؤسسات المجتمع المدني، ونمو الوعي البيئي وغيرها من القوى المحركة للمجتمعات وتطورها.
وشدد زباري على أن هذه القوى مجتمعة تحدد مصير المياه والبيئة ومدى استدامتها على المدى الطويل، كما أن الاستثمار في تنمية الموارد البشرية والبحث العلمي، وتحسين الحاكمية نحو مشاركة أكبر للمجتمع في عملية صنع القرار والتعاون والتكامل الاقليمي بين دول الخليج والمنطقة العربية.
كما استعرض الأمن المائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال مفهومين متداخلين ومكملين لبعضهم البعض، وهما المفهوم الشامل والمفهوم الأمني. تبدأ هذه الورقة في الجزء الأول منها باستعراض الموارد المائية الرئيسة في دول مجلس التعاون وأهم استخداماتها،
وقد تناول أهم التحديات والقضايا التي تواجه إدارة الموارد المائية وتؤثر بشكل مباشر في الأمن المائي، وطرح قضية الأمن المائي في دول مجلس التعاون بمنظورها الشامل المرادف للاستدامة المائية وناقش أهم محدداته في ظل الظروف السائدة الحالية والمستقبلية في هذه الدول.
كما استعرض زباري في الجزء الثاني من الورقة قضية الأمن المائي في دول المجلس من منظور «تأمين مياه الشرب في حالات الطوارئ» وما يجب القيام به لضمان هذه الإمدادات في حالات الطوارئ والكوارث.
وطرح في ختام عرضه لورقته البحثية عدة تساؤلات وهي: ما الذي يحمله المستقبل في مجال رفاه الإنسان والبيئة لمنطقة دول مجلس التعاون في السنوات القادمة؟ وما هي القوى المؤثرة الرئيسة التي ستشكل هذا المستقبل؟ وأي من التطورات والاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الحالية سيستمر وأي منها سيحدث فيه تغير مفاجئ؟ وما هي تأثيرات هذه التغييرات على الإنسان والبيئة؟ وأخيرا، ما هو الدور الذي يمكن القيام به لتشكيل هذا المستقبل؟