الفساد المالي من أخطر أنوع الفساد لأن خطره متعد فهو مُعيق لنمو الاقتصاد، ومعطل للتنمية، ومهدد لقيم المواطنة الصالحة، ومهدر لموارد الدولة، ومُخل بالعدالة الاجتماعية، الفساد يعم في المجتمعات إذا غابت الرقابة الحكومية، وضعف الرقيب الذاتي حتى يظن الفاسد بأن الأموال التي استولى عليها حق مكتسب، فتجد فاسداً يتصدق مما سرق، وتجد من هو فاسد في العمل وعابد في المسجد، ولذلك عندما تُعلن الدولة عن بعض من تورط في قضايا فساد وهو يعيش حالة من الازدواجية بين الفساد المتواري عن أعين الناس والصلاح الظاهر لهم وخصوصاً عندما يكون في منصب رفيع، ومن الإثباتات القوية التي تؤكد أن المتهم بقضية فساد مالي متورط فعلاً عندما تقترن معها تهمة غسل الأموال، وهاتان التهمتان المتزامنتان نجدهما في قضايا الفساد المالي التي تتجاوز قيمتها عشرات الملايين، لأن الفاسد الذي اختلس هذه الأموال الكبيرة لا يستطيع إيداعها في حساباته البنكية داخل المملكة ولا يستطيع تحويلها إلى الخارج، لذلك يلجأ إلى غاسلي الأموال لتبييضها وتحويلها إلى أي مكان يرغب إيصالها إليه، آلية عمل جهات الرقابة المالية في القطاع العام أو القطاع الخاص دقيقة جداً لذلك تستغرق وقتاً طويلاً في البحث والتحري قبل أن تعلن عن المخالفات المالية، هيئة مكافحة الفساد بعد إعادة هيكلتها وضم المباحث الإدارية والرقابة والتحقيق إليها أصبحت قوة لا يستهان بها، اختصرت الكثير من الوقت والجهد وتمكنت من رصد أكبر قضايا الفساد.
بدأت المملكة ولله الحمد تتطهر من الفاسدين الذين عبثوا بأموال الدولة بعد حملة مكافحة الفساد التي أشرف عليها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله – وهذه الحملة هي الأقوى والأكثر فاعلية ليس على مستوى المملكة بل على مستوى العالم، ولذلك علينا مسؤولية كبيرة في التعاون مع الدولة بكل ما نستطيع والإبلاغ عن أي شبة فساد حتى تتمكن الدولة من استئصال هذا السرطان الذي نهش مقدرات الأمة.
رابط المقالة في صحيفة الرياض