حامد حمود العجلان | القبس

لا شك في أن ما نشره د. سعد الهاشل تحت عنوان «حين تراجع التنسيق» في القبس بتاريخ 9 مايو يعكس اهتماماً بالعملية التربوية، مذكّراً بأهمية العلوم الاجتماعية في تنشئة الطفل. ولكن مع هذا، أختلف مع الدكتور الهاشل بتحفظه على «إلغاء» مادة الدراسات الاجتماعية في الصفوف الابتدائية الثلاثة الأولى، والذي يرى أنه تم من دون تنسيق مع كليات العلوم الاجتماعية بالجامعة. وتباين الرأي مع الأستاذ الهاشل يرجع إلى الأسباب التالية:
أولاً – إن ما حصل أن المواد الاجتماعية لم تلغَ كموضوع، وإنما ألغيت كمادة مدرسية مستقلة. فهي متضمنة في مادة اللغة العربية وفي الفنون والموسيقى. لنأخذ مادة التربية الوطنية، فهي إن لم تكن مادة مستقلة، فإنها موجودة في نشيد الصباح، وفي حصة الرسم، عندما يرسم علم أو خريطة الكويت. أو عندما يقرأ قصة قصيرة تتضمن تنمية الشعور الوطني بصورة ضمنية غير مباشرة. فغير المباشر يتشربه ضمير الطفل وذاكرته بشكل أعمق.
ثانياً – إن تخصيص مواد علوم اجتماعية مستقلة في هذه السن تمثل عبئاً على الطفل. فتحميله كتباً لهذه المواد تدرس من قبل مدرس جديد آخر يحمّل الطالب أعباء نفسية. فالدراسات الحديثة أثبتت أنه في السنوات الدراسية الأربع الأولى، وكما هو مطبق في الدول التي سبقتنا في العلوم الاجتماعية والطبيعية، يتكفل أستاذ اللغة بتدريس ما يقرب إلى معنى العلوم الاجتماعية.
ثالثاً – لا يحمل الأطفال في السنوات الثلاث الأولى المفاهيم أو حتى المفردات المناسبة لدراسة العلوم الاجتماعية. لذا، كان «الإلغاء» الأسلوب الأنسب لسد عجز الطلبة في اللغة العربية، بإضافة حصصها إلى هذه المادة والتي يتضمن تدريسها زرع مفاهيم وقيم العلوم الاجتماعية.
أما بالنسبة إلى ما أشار إليه الأستاذ الهاشل من مصير 290 طالبة سيتخرجن هذا العام و585 في العام المقبل متخصصات في العلوم الاجتماعية للسنوات الابتدائية، واقتراحه بخفض عدد الطلبة في الفصول لاستيعابهم، فأرى أنه من الأنسب أن يقمن، وبتدريب بسيط، بتدريس اللغة العربية، حيث يوجد نقص في أعداد مدرسيها. ولا بد أن يتفق الأستاذ الهاشل والقارئ إن تكن المدرسات غير قابلات للتدريب لتدريس اللغة العربية للصف الأول والثاني الابتدائيين، فهناك شك في قدرتهن على تدريس أي مادة.
أما الأمر الآخر والمهم المطروح في مقال الأستاذ الهاشل، فهو عن غياب التنسيق بين الوزارة والجامعة في أمور تتعلّق بالتربية. وهو أمر يهم الوزارة والجامعة، ولكن المراقب والإنسان العادي غير المطلع بالقدر الكافي على الدور الاجتماعي والثقافي لكليات العلوم الاجتماعية والتربية في جامعة الكويت. ويتوقع ألّا تنتظر هذه الكليات أن يناط بها دور، وإنما أن تفرض أبحاثها ودورها الثقافي حضورها، ليس في وزارة التربية فقط، وإنما في المجتمع ككل. فما أردت أن أقود القارئ إليه هو أن تأثير العلوم الاجتماعية على المجتمع ضعيف ولا يرقى إلى التحديات التي تواجهها الكويت والمنطقة، إن كان ذلك في التربية أو في مجالات مرتبطة بها.
إن ما صدر من قرار في تاريخ 31 ديسمبر 2014 في شأن تعديل الخطة الدراسية بإلغاء مادة الدراسات الاجتماعية في الصفوف الابتدائية الثلاثة الأولى، وفقاً لما ذكره الدكتور الهاشل، كان مواكبة لأبحاث حديثة وتجارب دول غربية وعربية شقيقة، بأن تضمن قيمها وأهدافها في مادة اللغة، وهي التي يعاني طلابنا في جميع المراحل ضعفهم فيها.
فالتأسيس اللغوي هو الذي سيؤهل الطالب لفهم العلوم الاجتماعية في المراحل المتقدمة. ففي هذه المراحل من الثانوية يفاجأ المهتمون بتدني مستوى منهج العلوم الاجتماعية، لا سيما مادة التاريخ الإسلامي وغيرها. فهذا موضوع يتطلب تدخلاً لأقسام العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت.

رابط المقالة http://alqabas.com/36639/#.Vz1PhTQvE8V.mailto