حامد حمود العجلان | القبس
إن التغيير على المديين القصير والمتوسط لن يؤدي إلى إزاحة منهج وسياسة داخلية وخارجية، والإتيان بمنهج وسياسة جديدين. هذا رغم أن غالبية الإيرانيين يدعمون انفتاحاً على العالم ويؤيدون تحسين العلاقات مع الغرب والعالم. ففي استطلاع للرأي أجرته جامعة ميرلاند الأميركية على عينة من الإيرانيين، وجدت مثلا أن %70 من الإيرانيين يؤيدون الاتفاق النووي الإيراني الأميركي الذي حاول المتشددون إفشاله. هذا، ويستخدم المحافظون نفوذهم في الجيش والحرس الثوري والقضاء للحد من التغيير. ولأن تأثير سطوتهم أقوى في الريف والمدن الصغيرة، حيث يعمل الكثير في الجيش والحرس الثوري نرى أن النظام الانتخابي في إيران منحاز ليوصل أكبر عدد من الأعضاء في المجالس الانتخابية من هذه المناطق. ومثال على ذلك فإن طهران التي يعيش فيها %20 من السكان ممثلة بثلاثين عضواً في مجلس الشورى من 290 عضواً. مع أن النسبية في التمثيل تعطي لطهران 58 عضواً. وما يشمل طهران يشمل المدن الكبرى كلها.
ومع هذه المقاومة الكبيرة التي يمارسها المحافظون لمنع تغيير أكبر، فإن التغيير لابد أن يأتي على المدى الطويل. وهذا التغيير البطيء الذي تشهده حالياً، له إيجابياته. فإيران تبقى دولة مستقرة، وهي تتغير ببطء لكن من خلال صناديق الانتخابات. وإيران دولة فيها متناقضات. فهناك ظواهر على بناء دولة قوية وحديثة، وهناك مظاهر أخرى للتخلف. إيران من ناحية، ترجم امرأة لها أربعة أطفال بتهمة الزنا، هي نفس إيران التي وصلت إلى بعض مجالات البحث العلمي إلى مراتب عليا. ففي أبحاث النانو تكنولوجي وصل ترتيب إيران إلى التاسعة عالمياً، كما أن ترتيب أكثر من جامعة إيرانية أعلى من أفضل الجامعات العربية و انتشر التعليم في القرى والريف البعيد. كما أن الصناعة وصلت الى درجة عالية من الاعتماد على الذات. لكن ايران لا تتوارى بنفس الوقت كما تردد اعلامياً من الحاق الضرر بشيرين عبادي الإيرانية الحاصلة على نوبل للسلام بتوريط زوجها بجريمة زنا، وأن تحكم عليه بالإعدام ثم تعفو عنه بعد ان ادينت زوجته. هذا ما ذكرته الزوجة شيرين عبادي التي غادرت لتعيش في الولايات المتحدة في مقال نشرته في النيويورك تايمز في 6 من الشهر الجاري.
ويبدو أن نتائج الانتخابات الإيرانية، لن يكون لها التأثير الكبير في علاقة إيران بدول الخليج حتى وإن أراد رافسنجاني وروحاني ذلك. وهذا يسود على موقف إيران من الملف السوري، فدعمها سيستمر إلى الأسد، وستبقى على تمويلها عاطفيا وماديا لحزب الله، الذي أصبح أداتها الناجعة لتحقيق أحلامها التوسعية. لذا فإن المعاناة من التطرف الإسلامي والذي نشأ أصلا كردة فعل لأحلام إيران الطائفية لن يتراجع على المديين القصير والمتوسط. كما أن الإيرانيين أنفسهم سيظلون على معاناتهم من سطوة المتشددين. والمرأة التي انتخبت من طهران في المجلس أخيرا مطالبة بعدم فرض الحجاب لن تحقق حلمها، ودورة مجلس الشورى المنتخب لن تتمكن من إزالة اللافتة المكتوبة بحروف عريضة في مطار طهران منبهة النساء القادمات: رعاية حجاب إسلامي الزامي است.
التغيير سيستمر بطيئاً، لكنه سيشهد قفزة كبيرة عند انتخاب مرشد أعلى جديد كما سيشهد قفزة عند انتخاب مجلس خبراء عام 2024. عندئذ قد نرى إسلاماً جديداً يؤلف لا يفرق ويقنع لا يهدد.
رابط المقالة http://www.alqabas.com.kw/Articles.aspx?ArticleID=1146506&date=01072015&isauthor=1