الدكتورة دلال الردعان |
قضية الشهادات المضروبة ليست قضية حديثة عهد على الوسط الأكاديمي لأن الانسانية مازالت تعاني من وجود هؤلاء عديمي الضمير والذين يعانون من النقص النفسي لحرف الدال وكذلك أولئك الذين يبحثون على الدوام عن المناصب بدون وجه حق واولئك الذين يتمنون الحصول على مميزات ورواتب ليتساووا مع اصحاب العلم الحقيقيين الذين أفنوا حياتهم بالبحث والمعرفة للحصول على مؤهلاتهم العلمية حيث استحقوا مؤهلاتهم عن جدارة.. فهذه الفئة المريضة مازالت تنتعش على وجه الارض بيننا وتتولى مناصب قيادية وهي غير جديرة بها ..فعلى سبيل المثال فلقد اتخذت الحكومة البوسنية قرارها الشجاع مؤخراً بالغاء جميع الشهادات الممنوحة للخريجين أثناء فترة الحرب وذلك بعد اكتشاف وجود تلاعب ورشاوى قدمت لبعض الأساتذة من أجل الحصول على الشهادة الجامعية في مختلف التخصصات المعرفية المعروفة عالميا بما فيها الهندسة والطب والمحاسبة والادارة والمحاماة والصحافة وغيرها وللأسف وكالعادة للعرب نصيب في هذه المهزلة فمن بين الذين حصلوا على تلك الشهادات المزورة شباب عرب كانوا موجودين في البوسنة اثناء فترة الحرب وهم يحملون الآن شهادات مزيفة حصلوا عليها بالمال والنصب والاحتيال وقد حصل بعضهم بسببها على ترقيات في بلدانهم بل ان خبراء عرباً في مجال الحاسب الآلي قاموا بتزوير الشهادات وسلموها لآخرين مقابل مبلغ من المال او غير وبعضهم لا يتقن الانجليزية لدرجة يمكنه ان يقول انه قدم بحثه باللغة الانجليزية او غيرها وقد تعدى مثل هذا التزوير حدود الشهادات الجامعية ليشمل شهادات التدريب الوهمية المنسوبة لجامعات بريطانية ومعاهد امريكية.. مما يشير لمستنقع عميق ليس له قرار من التزوير يقودها الباحثين عن سد النقص النفسي من طرف وعلى الطرف الآخر بائعي الوهم الباحثين عن المال..
وفي الكويت أعيد فتح هذا الملف مؤخراً والذي اغلق منذ ان فتح للمرة الاولى منذ سنوات لأسباب خارجية وقوى متصارعة استخدمت قوتها في المساهمة في تسكير الباب نهائياً من غير رجعة ولكن وزير التربية الجديد اثار هذا الملف من جديد ويعد فتح ملف الشهادات المضروبة خطوة شجاعة من الوزير بدر العيسى وعمل وطني يستحق عليه كل المساندة والتأييد وفي الكويت المشكلة تكاد تكون اكثر خطورة وخاصة مع توفر المادة وامكانيات الدفع لشراء هذه الشهادات لتعويض النقص النفسي والحصول على المؤهل من غير جهد ..بل وصل الحد للبعض من هؤلاء لتزوير التخصصات بغرض التعيينات.. ولكن التساؤل الان هل خطوة الوزير هذه التي امر بها بتشكيل لجنة للتحقيق في الشهادات المضروبة ستكون قرار نافذ أم لابراء الذمة فقط امام الصرح النيابي نتيجة الضغوط النيابية وغيره.. وذلك لان مثل هذه الخطوة ينقصها الكثير مثل ضرورة اطلاع الرأي العام على ما يترتب عليه الكشف عن الشهادات المضروبة من قرارات صارمة بغرض التحويل للنيابة وسحب المناصب والتسميات الوظيفية واحقاق المديونيات على أصحابها وارجاع المال العام المهدور بتوظيف هؤلاء النصابين وغيره. وللاسف مشكلة الشهادات المضروبة ساهمت في توزيع الغير كفؤ من هؤلاء على كل المهن وعلى مناصب لا يستحقونها ممن نطلق عليهم ‘فاقد الشيء لا يعطيه’ بل والى حد الاستماتة لنيل مناصب قيادية في البلد وخارجها
وعلى سبيل الصراحة نبارك للوزارة ونهنأها على بدئها بتطبيق المثل القائل’ان تصل متأخراً.. خيراً من ان لاتصل ابدا’ بإتخاذ مثل هذه القرارات ولو ان هذا القرار جاء متأخر بحيث تمكن هؤلاء من الاستفادة بشكل كبير من كل الامتيازات ولكن لعله بادرة امل لقرارات اكثر شجاعة من المسئولين لدحض الفساد ومحاربته
ومن وجهة نظري الشخصية ان حملة الشهادات المضروبة أهانوا العلم والمجتمع بلا حياء أو خجل. وﻻ أعرف كيف يشعرون وهم يعلمون بخواء حرف دالهم وانني ارى ان اصعب عقاب لهؤلاء هو اعادة اختبارهم بمواضيع رسائلهم وامتحانهم بها وبمصادرها او يطلب منهم ان يقدمون بحوثا جديدة للاعتراف بشهاداتاهم وتحت اشراف متخصصون في مجالهم من غير القابلين للرشاوي و يعتبر قرار الوزير بطلب التسليم لاطروحات الدكتوراه موفق جدا… ولكن هل اصحاب الشهادات المضروبة من الجامعات الغير معتمدة سيسلموا اطروحاتهم لشهادة الدكتوراه.؟! ام لا؟. وان لم يقوموا بذلك .. فهل سيستخدم الوزير حقه الدستوري باتخاذ قرارت تشمل ايقاف الترقيات والرواتب لهؤلاء الممتنعين عن التسليم.. وكلمتنا الاخيرة هنا هو ان اجيال الكويت في خطر ان يتتلمذوا على ايدي المزورين من هؤلاء..
ونقول للوزير… خطوة موفقة تلك التي قمت بها من ملاحقة اصحاب الشهادات المضروبة وتحسب في صالحك وهي تثبت مصداقيتك وحرصك على الصالح العام
استمر والى الأمام… وخلي اهل الشهادات المضروبة من الجامعات الخربوطية يبلطون البحر… امام وقفتك الصارمة وقرارك الشجاع
رابط المقالة http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=234648&cid=92