د احمد عبدالملك | الاتحاد
أنهى قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أعمال قمتهم الثلاثين في دولة الكويت -التي أحسنت ترتيبها وتسهيل مهمات الصحافيين والسياسيين معاً- بتدشين مشروع الربط الكهربائي وإنشاء قوة التدخل السريع للرد على أي اعتداء على أية دولة، دون أن يكون لتلك القوات ربط أو بديل عن قوات “درع الجزيرة” كما أفاد بذلك الأمين العام لدول مجلس التعاون في مؤتمره الصحفي بعد انتهاء أعمال القمة. ويبدو أن (الحالة الحوثية) استدعت مثلَ هذا القرار. وبعد جدال حول الأمين العام المقبل للأمانة العامة للمجلس، ما آخرَ الجلسة الختامية، تم حسم الموضوع بعبارة “قرر المجلس الأعلى تعيين مرشح لمملكة البحرين أميناً عاماً لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول أبريل 2011 خلفاً لعبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام الحالي، الذي تنتهي فترة عمله في نهاية مارس2011”. جاء البيان في عناوين محددة مثل: – المجال الاقتصادي: موضوع الاتحاد الجمركي، السوق الخليجية، الاتحاد النقدي، مختتماً الفقرة بـ”وعبّر المجلس عن ارتياحه لما تم إحرازه وأصدر توجيهاته بشأنها”، ومعلوم أن تلك القضايا تكتنفها بعض الصعوبات في الفترة الحالية. – التعاون العسكري والدفاع المشترك: “أكد المجلس الأعلى على أهمية تعزيز التعاون بين دوله في مكافحة تهريب الأسلحة إلى دول المجلس”. – التعاون والتنسيق الأمني: “رحب المجلس الأعلى بتوقيع دولة قطر على الاتفاقية الأمنية، متطلعاً لاكتمال التوقيع والمصادقة عليها، وغيرها من الاتفاقيات ذات الصلة بالشأن الأمني، من جانب بقية الدول الأعضاء”. – الإرهاب: “شدد المجلس الأعلى على أهمية توصيات المؤتمر العالمي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في الرياض عام 2005، وتبنيه مبادرة خادم الحرمين الشريفين إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب”. – القرصنة البحرية: ” أعرب المجلس الأعلى عن قلقه من استمرار عمليات القرصنة البحرية في الممرات المائية”. وهنالك موضوعات العمل المشترك، وهي روتينية مثل: اعتماد توصيات وزراء العدل، وتقرير المتابعة الخاص بالتعليم، والإطار العام لبرامج الاستراتيجية الثقافية والتعاون العلمي والتقني والبيئة والعمل البلدي (اعتماد دليلين)، والحوار بين الحضارات والأديان والثقافات، والمجالس التشريعية “أعرب المجلس عن ارتياحه لما توصل إليه الاجتماع الدوري الثالث لرؤساء المجالس التشريعية”. وهنالك الجوانب السياسية مثل الجزر الإماراتية المحتلة، وملف إيران النووي، والعلاقات مع إيران، والمصالحة العربية، والقضية الفلسطينية وعملية السلام، والعراق ولبنان والسودان والصومال. ولا يمكن التقليل من أهمية الموضوعات التي تداولتها قمة الكويت، وجهود أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لإنجاح القمة، ولكن هنالك ظروفاً استجدت في القمة! فبعد ثلاثة أعوام من محاولات مستميتة من منتسبي هيئات المجتمع المدني في دول مجلس التعاون استطاع منظمو المؤتمر الموازي لقمة الكويت عقد مؤتمر صحفي -ساعدتهم في ذلك حرية التعبير في دولة الكويت- في المركز الإعلامي وإصدار بيان عام احتوى رؤية المجتمع المدني لمسيرة مجلس التعاون. ولقد تم تسليم الأمين العام لمجلس التعاون نسخة من البيان المذكور. وقد احتوى البيان على دعم ومساندة قادة دول مجلس التعاون على كل ما قدموه لمسيرة المجلس منذ إنشائه عام 1981. على رغم أن ما تحقق لا يرقى إلى مستوى طموح المواطنين. وأن هنالك مجالات ما زالت تحتاج إلى مكاشفة مثل: المشاركة في القرار السياسي، ورقابة المجتمع المدني على الجهاز التنفيذي. كما دعا البيان إلى إتاحة الفرصة أمام مؤسسات المجتمع المدني لممارسة دورها الرقابي، وفتح المجال أمام الإعلام والصحافة -كأدوات للتعبير الحر- من أجل تحقيق المواطَنة. في الوقت الذي تمسك فيه موقعو البيان بنظام الحكم الوراثي في المنطقة، وأن يتحول إلى وراثية دستورية (ديمقراطية) يستند إلى دعم الشعب. كما نبه الموقعون إلى أهمية توحيد الخطاب السياسي لدول التعاون والوصول إلى حلول سلمية لكل القضايا التي يناقشها المجلس. إن هموم المجتمع المدني قد ازدادت بعد التطور الكبير في مشاريع التنمية في دول مجلس التعاون وبعد الاختلالات الاقتصادية والتغيرات في التركيبة السكانية، وبعد توقيع الدول على المعاهدات والمواثيق الدولية الضامنة لحق المجتمع المدني وحقوق الإنسان. وكذلك بروز نشاط منظمات المجتمع المدني الدولية التي تناشد الدول بضرورة السعي نحو التحول الديمقراطي والالتزام بالمواثيق الدولية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إن موقعي البيان -الذين زاد عددهم على 150 شخصاً يمثلون كافة التيارات والمهن من أبناء الخليج- يأملون أن تحتضن أمانة مجلس التعاون الرؤى التي تقدموا بها، وأن يعرض بيانهم على القادة في دول المجلس، كي يتحقق في القمة المقبلة مؤتمرهم الموازي في مناخ من الصراحة والشفافية؛ فهم أبناء من الخليج ولا يسعون إلا للصالح العام الذي تقره الدساتير في دول المجلس، كما أنهم مع مجلس التعاون الذي يرونه ملجأهم وملاذهم وقت الملمات.