أيمـن الـحـمـاد | جريدة الرياض
ينقل أحد المنتسبين لجهاز توعوي بأحد المستشفيات الكبرى الحكومية في الرياض تعجّبه من أن بعض المواطنين والمقيمين لا يزال يجهل ما هو “كورونا”، يقول لي: قمنا بالتعاون مع خطيب جمعة في أحد الأحياء لجعل عنوان الخطبة عن الفيروس بعد أن زودناه بالمعلومات والمحاور، اكتشفنا بعد الصلاة كفريق توعوي بأسئلة من المصلين عن طبيعة “كورونا” وماهيته.
وفي حقيقة الأمر فإن الجهل بالمرض الذي قطع عامه الثالث في المملكة دون أن يُقطع دابره يثير مسألة مهمة حول ضرورة التثقيف باستغلال المنابر الإعلامية التي تعتمد على الاتصال المباشر أو الشخصي أكثر من تلك التي تعتمد على وسائل الإعلام الجماهيرية.
تواجه وزارتا الصحة والزراعة حملاً ثقيلاً ومسؤولية كبيرة وقعت على عاتقهما إذ على القيادات في هاتين الوزارتين اجتثاث هذا المرض ومسبباته ونشر طرق انتقاله وأساليب الوقاية منه، مهما كلف الأمر.
ولا شك أن حديث وزارة الزراعة وإثباتها بشكل قاطع وجود هذا الفيروس في 87% من الإبل المحلية أو المستوردة ليس مفاجئاً، فقد سبق وأن أعلن أحد مسؤولي وزارة الصحة أن 90% من الإبل مصابة بهذا الفيروس.. وعوداً على موضوع التوعية يبدو أن الوزارتين تواجهان أزمة ثقة مع ملاك الإبل الذين لا يأخذون تحذيرات الوزارتين بجدية، وغير مصدقين لقصة أن إبلهم تحمل هذا الفيروس، وهذا يقودهم لعدم التزامهم بقواعد الوقاية، وهي المعاناة الكبيرة التي عبّر عنها وكيل وزارة الزراعة الدكتور حمد البطشان بأنها تواجه فريق التوعية.
ويبدو أن الوزارة معنية بالتوجه إلى التواصل مع الشخصيات المؤثرة في المجتمع كخطباء الجمعة وملاك الإبل الكبار في السوق، وذلك لأجل إحداث تأثير لدى التجار والمربين على حد سواء، وضرورة حثّهم على التكاتف مع المجتمع والجهود الحكومية والتعاون من أجل حياة وصحة المواطنين والمقيمين والقضاء على هذا الفيروس باتباع الإرشادات للحد من انتشار المرض.
إن الإقناع مسألة معقدة وترتبط بعدة متغيرات نفسية وثقافية واجتماعية بسبب ارتباطها بتغيير الاتجاه لإحداث تأثير في السلوك والممارسة، ولا شك أن إحداث تأثير في المجتمع المستهدف في هذه الجهود التوعوية يستوجب الإعداد الجيد من أجل مواجهة أي سؤال قد يُطرح خلال الحديث مع مربي الإبل.
يحدث أن تقوم بعض الجمعيات الصحية المتخصصة في الغرب بالتحذير من بعض الممارسات المضرة بالصحة كتناول الوجبات السريعة على سبيل المثال، وهي المسؤولة عن مجموعة أمراض تمتد من السكري وحتى السرطان، لكن ذلك لم يمنع من إقبال الناس على هذه الوجبات، بالرغم من وعي ذلك المجتمع ومعرفته الواسعة. لذا فإن استمرار التوعية وتكثيفها ضروريان للغاية سواء من خلال المستشفيات أو المراكز الصحية أو التجمعات كالمساجد والمدارس والجامعات.
على الخط الموازي يجدر بوزارتي الصحة والزراعة اتخاذ كافة الإجراءات التي تنظم تجمعات الإبل، ولعل قرار منع دخول الإبل للمشاعر المقدسة تزامناً مع موسم الحج يعتبر خطوة مهمة ووقائية بدرجة كبيرة، يفترض أن تلحقها خطوات تنظم أسواق المواشي وتجعلها صحية أكثر، وهذا يتطلب نزولاً كثيفاً من المراقبين لاسيما وأننا على أبواب موسم الأضاحي.
رابط المقالة http://www.alriyadh.com/1080461