حامد حمود العجلان | القبس

لا أعتقد أن القائمين على إدارة الخدمات الاجتماعية والنفسية بوزارة التربية، يهدفون إلى تخويف الآباء والأمهات من جمعهم الإحصائيات عن معدلات السلوك العدواني والسرقات بين الطلبة. فرصد هذه السلوكيات عبر فترات زمنية يقصد به دراسة أسبابها، والتغيرات التي تطرأ عليها بهدف تطبيق سياسات تعليمية تعمل على خفضها. وبالتأكيد لم تتوقع هذه الإدارة أن تستخدم الشفافية في توفير الإحصائيات عن معدل «الجريمة» بين الطلاب بالصورة التي استخدمتها القبس معلنة بالخط العريض يوم السبت 7 مايو «في مدارسنا جريمة كل 3 أيام»!
ويبدو أنه لا القبس ولا إدارة الخدمات الاجتماعية والنفسية بوزارة التربية، قد قامتا بالتحليل الكافي للإحصائيات، ليتبين الغث من السمين. فالإحصائيات هذه لا تعني شيئا من دون تحديد عدد الطلاب في المدارس، ثم تحديد عدد طلاب الفئة العمرية 12 – 15 و15 – 18، وهما الفئتان العمريتان الأكثر ميلا للعنف أو ارتكاب الجرائم، وفقا لماء جاء في القبس. ولكي يكون لهذه الإحصائيات معنى، يجب أن تحدد في النهاية نسبة السرقات وأعمال العنف لكل 1000 طالب وطالبة. ولكي تكتمل معاني هذه الإحصائيات لا بد من مقارنتها بالسنوات السابقة، ومقارنة هذا المعدل بدول أخرى. ولا بد أن القائمين على إدارة الخدمات الاجتماعية والنفسية هدفهم هو قياس الميل نحو العنف والسرقة بين الطلاب بهدف خفضه. ويتطلب هذا تحديد مستهدفات أو أهداف كمية. لنفترض أن معدل السرقة كان 65 لكل ألف طالب، وأن هذا عالٍ نسبة إلى تواريخ سابقة أو لمعدلات في دول أخرى، فوزارة التربية ستهدف لخفضه إلى 45 بالألف. فما هي السياسات، ثم الوسائل لخفضه؟ فجمع الإحصائيات يهدف لتوجيه السياسات من قبل القادة وليس للتخزين. هذا وقد حاولت أن أحصل على احصاءات لمعدل العنف في المدارس في دول عربية عبر الشبكة، لكن لم يتوافر لي ذلك. غير أن المقارنة مع الولايات المتحدة ستكون مفيدة كذلك.
فوفقا للمركز الوطني للإحصاء التربوي في الولايات المتحدة، بلغ عدد أعمال العنف في الولايات المتحدة للفئة العمرية من 12 – 18 من طلاب المدارس، حوالي 1.2 مليون حادثة عام 2013، ولا اعتقد انها من الدرجة التي يتم تسجيلها لدى الشرطة. والأهم من ذلك أن المعدل النسبي كان 67 و44 لكل 1000 طالب للفئتين العمريتين 12 – 14، و15 – 18 على التوالي. أما حوادث السرقة فكانت 16 و19 بالألف على التوالي. لذا فعند جمع العنف مع السرقة ستكون النسبة للفئة العمرية من 12 – 18، حوالي 73 لكل 1000. لكن وكما ذكرت سابقا، ولعددها الذي يزيد كثيرا على مليون، فإني افترض انها حوادث لم يلجأ المتضررون منها للشرطة. هذا، وبشكل عام، فإن حوادث العنف بين الطلاب في الولايات المتحدة قد انخفضت بشكل كبير خلال الفترة 1992 – 2013. هذا ويبلغ العدد الإجمالي للطلاب والطالبات في الكويت 2872212 للفئة العمرية من 12 – 18، وهي الفئة الأكثر لجوءا للعنف. لذا فإن القبس تكون قد استعملت الرقم 103 «جريمة» بغير محله. فعندما نعرف أن هذه الحوادث أو الجرائم بلغة القبس، كانت من بين 287212 من الطلاب، وكون كثير منها كان عبارة عن سرقات لهواتف نقالة ندرك أن 103 «جرائم»، التي أصبحت العنوان الرئيسي للصحيفة، يعكس مدى الأمان والسلامة العالية النسبية في مدارس الكويت، أكثر من الإنذار بالخطر. فهناك 33 حالة عنف فقط لكل مئة ألف طالب. وهي نسبة تعكس تدني حوادث العنف في مدارس الكويت مقارنة مع الدول الأخرى. ومن ناحية نظرية كان يمكن استخدام الأرقام نفسها التي حصلت عليها القبس من وزارة التربية، من صحيفة اخرى لتنشرها في اليوم نفسه، لإظهار مدى الأمن والسلامة في مدارس الكويت.

رابط المقالة https://twitter.com/hamedalajlan/status/730246737827401728