حامد حمود العجلان | القبس
ليس جديداً أن تُطرح في منطقتنا خططٌ تنموية، لكن الجديد في رؤية المملكة 2030 أنها تطرقت بشكل مفصل الى نوعية الحياة المراد تحقيقها للمواطن. لذا فقد تجاوزت الأهداف الكونكريتية، من بناء جسور وطرق ومستشفيات ومدارس، إلى ناتج تحقيق هذه الأهداف على سعادة الإنسان. وكانت واضحة بتصريحها ان ما متاح حالياً في السعودية من فرص ثقافية وترفيهية «لا يرتقي إلى تطلعات المواطنين والمقيمين، ولا يتواءم مع الوضع الاقتصادي المزدهر الذي نعيشه؛ لذلك سندعم جهود المناطق والمحافظات والقطاعين غير الربحي والخاص في إقامة المهرجانات والفعاليات، ونفعّل دور الصناديق الحكومية في المساهمة في تأسيس المراكز الترفيهية وتطويرها». لذا فالرؤية تعترف ضمنياً بأن نوعية الحياة في المدن السعودية تغلب عليها الرتابة وتسبب الضجر، بل إن باحثاً سعودياً ربط بين الكآبة عند الشباب والعيش في مدينة الرياض. والترفيه مرتبط بصحة الإنسان. لذا تطرقت الرؤية بتفاصيلها إلى تغيير منهج الحياة الذي يعيشه المواطن. فذكرت مثلاً أن هناك %13 من المواطنين يمارسون الرياضة مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، ووضعت رفع تلك النسبة إلى %40 هدفا لها، والذي يربط بين السعادة وصحة الإنسان. فعلمياً تساعد ممارسة الرياضة على رفع مستوى سعادة الإنسان.
كما ركزت الرؤية بتفاصيلها على تحقيق الشفافية ومحاربة الفساد. وصرحت «لن نتهاون أو نتسامح مطلقاً مع الفساد بكل مستوياته، سواء أكان مالياً أو إدارياً. وسنستفيد من أفضل الممارسات العالمية لتحقيق أعلى مستويات الشفافية والحوكمة الرشيدة في جميع القطاعات»، بل إن الأمير محمد بن سلمان ذكر في لقائه مع قناة العربية، أن أهداف بيع حصة من «أرامكو» هي تحقيق الشفافية. وشرح أن وضعها الحالي كشركة مساهمة محدود، لا يسمح بالاطلاع على تفاصيل بياناتها المالية، أما عندما تحول إلى شركة عالمية تطرح أسهمها في البورصات العالمية، فإن ذلك يتطلب تزويد معلومات وشفافية غير محدودة.
هذا، ولعل أهم ما في الخطة جرأتها، فهي تضع مستهدفات رقمية يمكن تتبع المضي في تحقيقها سنوياً، ليس في الاقتصاد فقط، وإنما في نوعية الحياة. فهي مثلا تطمح إلى رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من %40 إلى %65، كما أنها تريد تغيير نمط الحياة للسعودي بزيادة ممارسته للرياضة مرة واحدة على الأقل أسبوعيا من %13 إلى %40. وهذه أرقام يمكن تتبعها سنوياً وقياس ما تم تحقيقه منها. وجرأة الخطة تكمن في أن من قدمها هو ولي ولي العهد – الشاب في مقتبل العمر، والذي سيحاسب على الأقل إعلامياً على مدى نجاح الخطة. وجرأة محمد بن سلمان تكمن كذلك في أنه ربط قبوله الشعبي بمدى نجاح الخطة.
هذا، وتفاوتت ردود الأفعال على الرؤية، فقد رأى مثلاً الأديب مسفر الدوسري في «الجريدة» بتاريخ 28 أبريل: «أنها تمثل البيان رقم واحد في الثورة التصحيحية الخضراء لمسيرة وطن، لما تضمنته من شفافية وملامسة لجروح الواقع الموجعة، وتشخيصها ووصف العلاج الناجع لها». لكن هناك من نظر إليها بسلبية، فقد شكك الكاتب البريطاني باتريك كوكبيرن في صحيفة الأندبندنت بتاريخ 30 أبريل 2016 بالرؤية؛ لكونها تنزل من أعلى الهرم القيادي.
لا شك أن الرؤية وما تضمنته من تفاصيل ومستهدفات تعكس جرأة وطموحاً يدعوان للتفاؤل. ونجاح الخطط لا يقاس بتحقيق المستهدفات فقط، وإنما بمدى متابعتها وتصويبها وفقاً للمتغيرات. ولعلي أميل إلى رأي الأديب الدوسري وأتحسس مدى تفاؤله، لاعتبارها دعوة للتغيير ولمواكبة متغيرات القرن الواحد والعشرين. ولكونها تطمح إلى رفع الغمة وزيادة الترفيه.
رابط المقالة ow.ly/4nqcad