عانت الحكومات السابقة في تعيين المسؤولين بقطاعات الدولة المختلفة، مثل الوكلاء والوكلاء المساعدين والمديرين العامين، مما يسمى «الباراشوت»، أي أن يأتي شخص من خارج القطاع، وبعضهم من دون سابق خبرة في العمل الحكومي وما يحتاجه من مهارات، ليتبوأ منصباً محورياً عن طريق ترضيات لنواب، على خلفية مواقف دعموا خلالها الحكومة في مواجهة الاستجوابات، أو ترضيات اجتماعية وعائلية، والقليل منها بسبب الكفاءة.
الحكومة الجديدة، وقد رفعت شعار محاربة الفساد، أو قُل: حملت هذا الشعار رغماً عنها من خلال حسابات في شبكات التواصل الاجتماعي «مجهولة»، أمامها مسؤولية كبيرة، وباتت فعلياً على المحك لمعالجة هذا الخلل، الذي أدى إلى شلل أجهزة الدولة وأضعف أداءها تجاه إيقافه من اليوم، والعمل بشكل جدي على وضع معايير صارمة في المقابل تضمن ألا يتكرر مثل هذا الخلل في المرحلة المقبلة.
ما يتسرّب من معلومات عن تشكيل لجنة حكومية في مكتب أحد المسؤولين الكبار، مهمتها دراسة كل ملفات التجديد للقياديين في قطاعات الدولة المختلفة، من خلال مجموعة من الضوابط، أبرزها إحالة من جُدّد له مرتين، أي ثماني سنوات في هذا المنصب، إلى التقاعد كفيلة بتوفير لا يقل عن 50 موقعاً في تلك القطاعات، يفترض أن تحرص الحكومة على إشغالها بكفاءات «متدرجة» داخل القطاع نفسه، واكتسبت الخبرة من خلاله.
إذا لم تقم الحكومة بمثل هذه الخطوة، أي تعيين الكفاءات المستحقة بالتدرج والخبرة في القطاع نفسه، فسيصبح شعار محاربة الفساد مجرّد ادّعاء لا طائل من ورائه، ولا يعدو أن يكون خطوة من أجل زيادة حجم الفساد وتكريسه مرة أخرى في تلك القطاعات المهمة، لكن سيكون هذه المرة مليئاً بأقرباء الحكومة والمحسوبين عليها، وربما تتحول مؤسسات الدولة مرة أخرى أيضاً إلى مواقع ترضية للحلفاء الجدد.
رفع شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد سهل، لكن التحدي الحقيقي يكمن في الرغبة أو القدرة، فإذا كانت هناك رغبة في الإصلاح من خلال محاربة الفساد، فسنقف جميعاً في هذا المعسكر، حتى وإن لم تكن هناك قدرة على مقارعة الفساد والنيل منه، لأنه عندها يكون عند الراغب عذر، أما إذا غابت الرغبة رغم توافر القدرة، فإن الأمور عندها ستختلف وسنظل في المربع الأول.
رابط المقالة أول معركة ضد الفساد «جاهزة»..! (alqabas.com)
https://alqabas.com/article/5892005 :إقرأ المزيد